أبي العزيز الغائب ... إني اشتقت إليك


 رسالة صوتية للدكتور محمد إسماعيل المقدم بعنوان :- أبي العزيز الغائب 

لتحميل الملف الصوتي ... من هنـــــــــــــــــــا

ولقد اعتصمت يا أبي بالصبر فلم يمنع ,ولجأت إليه فلم ينفع
غير أننانحفظ لكم أيها الآباء في صدورنا وُداً حفياً
وعهداً وفياً,وحباً خفياً
فهل أنتم لما نحس به مدركون
وهل أنتم لما نشعر به تجاهكم عارفون

أبي العزيز الغائب
قد تتعجب  من مراسلتي إياك وانت أبي ,ومكاتبتك وأنت معي؟!!!!
أبي العزيز الغائب 
إني أعاتبك
لقد آن الآوان يا أبي كي  أعلن الحقيقة وأصارحك بها
إنني أحتاجك اليوم قبل الغد
إنني احتاجك قبل فوات الآوان
يا أبي العزيز انا اشتقنا إليك 
فعد إلينا كما كنت قبل أن تغيب عنا 
عد إلينا قبل أن تفقدنا فلا تجدنا 
أننا جميعاً في انتظارك فعد يا أبي 
__________________


إن الذي أعاتبك عليه يا أبي  هو بعض نسيانك لي في زحمة أشغالك و اهتماماتك
وإغفالك لإدراج اسمي في مواعيد مذكراتك
لست أذكر كم من مرة رأيت أمي وقد أرخى الليل سدوله
وغارت نجومه وهدأت حركة الناس فيه
رأيتها بعد أن رميتها يا أبي بسهم غيابك وحرمتها أنس مواصلتك
حاولت أن تؤم الصبر فلم تدركه و بحثت عن السلو فلم تدركه 
طاردت الزفرات فلم تُقلع
وكفكفت دمعاً حاراً فلم يرجع
أبي العزيز الغائب أني اشتقت إليك 
قد تتعجب من مراسلتي إياك و أنت أبي و مكاتبتك و أنت معي 
فلا أنت بالأب الغائب المهاجر إلى ديار الغرب
بعيد عن العين والأهل و الأقارب و الأحبة 
ولا أنت بالأب المقيم في أسرته و بين ابنائه
يهنئون بصحبته ويسعدون بوجوده
فحسك بيننا صباح مساء
وطيفك حاضر معنا متى نشاء
لكن يا أبي كثرت أشغالك وطال غيابك وكدنا نفتقد أثرك
 أنتظرت طويلاً رجعوك إلي ما عهدت فيك و طال انتظاري حتي فقدت الأمل في عودتك
شملتني بعطفك و رعايتك و أنا صغير
و كلما كبرت سني  ألا و كبرت معها رقعة بعدك و غيابك عني
و كلما اشتد  عودي و احسست بالحاجة إليك ألا و اشتدت مشاغلك 
 وتخطفتك برامج أنشطتك 
فلما عرفت عرفت سبب غيبتك تأسفت علي ما عدمته من مرافقتك و مصحابتك
و ما ابديت شوقاً ألا بعد ما ابديت بعداً و هجراً
فأنا يا أبي لم أحظى بالكثير منك فيمتعني...ولا أرضى بالقليل منك فيقنعني
فشوقي إليك غالبٌ لصبري ,وشغفي بك غامرٌ لصدري
وودي إليك مشتمل على قلبي,وإحساسي بك نابع من طفولتي
وكيف لا أكون كذلك!!!!!!!
وقد أريتني منك ما أقرّ عيني وطيّب خاطري
فأنت مثلي و قدوتي, وأنت نفسي التي يحويها جنبي
و يدي المحامية عني ,وقوتي التي تنهض بها همتي
فلا تعجب يا أبي إن كان شوقي إليك زائد علي قدرتي
 و صبري عن غيابك قاعد عن نصرتي 
و صبابتي نحوك غالبة علي نفسي
ألست أنت يا أبي من علمني
كيف ارتبط نبي الله نوح (عليه السلام) بابنه
الذي امتنع عن الاستجابة لدعوته
فلما أنزل الله غضبه نادي نوح ربه :ـ
فقال لله تعالى "رب إن ابني من أهلي "
فتحركت عاطفتة الأبوية علها تكون شافعة لابنه من العقاب و منجية 
 فلم ينس الاب ابنه في أحلك المواقف رغم اختلاف المعتقدات
,ولم يغفل عنه رغم معصيته
ألست أنت يا أبي من علمني
كيف تأثر نبي الله يعقوب بغياب ابنه نبي الله يوسف عليهما السلام
وتأسف على ذلك حتى ابيضت عيناه من الجزن فهو كظيم
فإذا كان هذا حال الأباء في العصور الخوالي
فإن عصرنا هذا شاهد على حال الأبناء مع آبائهم في الشهور والأيام والليالي
أبي العزيز الغائب
إني أعاتبك وقد تتعجب كيف يعاتب الإبن أباه
أقول لك ......نعـــم
اذا كان الأب غير الأب ..والإبن غير الإبن
وكيف لا يعاتب الإبن أباه الذي لا ينظر إلى العلاقة بينهما
على أنها علاقة
دم وقرابة ونفقة وحالة مدنية فقط
بل ينظر إلى هذه العلاقة لأبعد من ذلك بكثير
فهما صديقان..أخوان ..حبيبان ..رفيقان
هما أبٌ وإبن حاصل الجمع بينهما اثنان
أبـي
أعاتبك لأنك في نظري أبٌ متميز
فأنا أعلم أن غيابك عني في كثير من الأحيان خارج عن إرادتك
وأن خروجك من بيتك لا يكون إلا في معروف أمرك به دينك
وهذا لا يقلل أبداًمن شأنك في نظري
بل زادك رفعة ًوسمواً وقدراً وعلواً
فضربت أروع الأمثال لبعض الأباء الحيارى التائهين
الذين أخلدوا إلى الأرض نائمين
وفرطوا فيما أمر به رب العالمين
بيد أن الذي أعاتبك عليه يا أبي هو إغفالك لي في زحمة أعمالك واهتماماتك
ولولا حسن ظني بك
ومالك في نفسي من أثر خفي وجليل
لما عانيت ما عانيت وقاسيت ما قاسيت
ولاقيت في الصبر عليك ما ألاقي

أبي العزيز الغائب
إنّا في انتظارك ,وإذا كنت عجبت مني في السابق
فالآن دوري لأعجب منك ومن كثيرمن تصرفات الآباء أمثالك
فـ لطالما دعوتم الله أن يهب لكم من أزواجكم وذرياتكم قرة أعين لكم
فلما استجيبت دعوتكم
حبستموها بعد حين من الدهر في بيوتكم
وتركتم فلذات لعوالي الزمن تنخرها نخراً
ووسائل الإعلام تهدها هداً
ولآداب رخيصة في شوارعنا وحاراتنا تعصف بها عصفاً
ولوساوس الجِنّةوالناس تكيد لها كيداً
حتى اذا انقضت الأيام والسنون
جنيتم ثمار ما غفلتم
مُرة كالعلقم ,وعضتم أناملكم من الندم
ولتمنيتم لو استقبلتم ما أدبرتم
ولربكم شكرتم
لكن
هيهات ..هيهات
فلا ينفع أسف... ولا يُصلح ندم
أبي العزيز الغائب
أحتاج ...عطفك وبِرك
أحتاج ...حنانك وأُبوتك
أحتاج...مساعدتك ومشورتك
أحتاج ...آرائك ونصائحك
أحتاج...ضحكتك وابتسامتك
أحتاج...جِدك ولعبك
أحتاج.. أن أسابقك وألاعبك
أحتاج ..قصصك وحكايتك
أحتاج... أمنك وحمايتك
أحتاج.. أكلة خاصة من صنع يديك
أحتاج... مثلك وسيرتك وقدوتك
أحتاج أن أتقاسم معك أفراحك وأحزانك
أحتاج..أن أقاسمك مكان نومك وفراشك
أحتاج ..طيفك وخيالك
وأحتاج....
وأحتاج .....
وسأظل أحتاج ....ما دمت أنت أبي وأنا ابنك
وهذا قدري وقدرك
أبي العزيز الغائب
فهلاّ...منحتني بعضاً من وقتك يا أبي
وهلاّ...أوليتني بعض عطفك يا أبي
وهلاّ..جعلتني من أولوياتك يا أبي
وهلاّ..أحسستني بك يا أبي
وهلاّ..تذكرت أن لك أسرة تحبك يا أبي
وهلاّ..خففت من خروجك وغيابك يا أبي
وهلاّعدت باكرا ً حتى تقرّ عيني بك يا أبي
أبي العزيز الغائب
إنّا اشتقنا إليك
عُد إلينا يا أبي كما كنت قبل أن تغيب عنّا
عُد إلينا قبل أن تفقدنا فلا تجدنا
إنّا جميعاً في انتظارك
فعُد يا أبي

"ليس اليتيم من انتهى أبواه من همّ الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم لمن تجد له أُماً تخلت أو أباًمشغولاً"

كان هذا ملخص لمادة صوتية للشيخ محمد اسماعيل المقدم
فما كان من زلل ونقص فمني ومن الشيطان
وما كان من سداد وتوفيق فمن ربي عزوجل 

ليست هناك تعليقات: