زوجتي ... علي طنطاوي



  لم أسمع زوجاً يقول إنه مستريح سعيد ، وإن كان في حقيقته سعيداً مستريحاً ،
لأن الإنسان خلق كفوراً، لا يدرك حقائق النعم إلا بعد زوالها، ولأنه ركب من الطمع،
فلا يزال كلما أوتي نعمة يطمع في أكثر منها، فلا يقنع بها ولا يعرف لذاتها، لذلك يشكو الأزواج أبداً نساءهم، ولا يشكر أحدهم المرأة إلا إذا ماتت،وانقطع حبله منها وأمله فيها ، هنالك يذكر حسناتها ، ويعرف فضائلها .
أما أنا فإني أقول من الآن –تحدثاً بنعم الله وإقراراً بفضله - :
إني سعيد في زواجي وإني مستريح وقد أعانني على هذه السعادة أمور
يقدر عليها كل راغب في الزواج ، طالب للسعادة فيه ،
فلينتفع بتجاربي من لم يجرب مثلها ، وليسمع وصف الطريق من سالكه
من لم يسلك بعد هذا الطريق .
أولها:
أني لم أخطب إلى قوم لاأعرفهم،
ولم أتزوج من ناس لا صلة بيني وبينهم ..فينكشف لي بالمخالطة خلاف ما سمعت عنهم ، وأعرف من سوء دخيلتهم ما كان يستره حسن ظاهرهم ،
وإنما تزوجت من أقرباء عرفتهم وعرفوني ، واطلعت على حياتهم في بيتهم وأطلعوا على حياتي في بيتي
، إذ رب رجل يشهد له الناس بأنه أفكه الناس ،
وأنه زينة المجالس ونزهة المجامع ،
وأمها بنت المحدّث الأكبر ،
عالم الشام بالإجماع الشيخ بدر الدين الحسيني رحمه الله
، فهي عريقة الأبوين ، موصولة النسب من الجهتين .
والثاني:
أني اخترتها من طبقة مثل
طبقتنا ، فأبوها كان مع أبي في محكمة النقض ، وهو قاض وأنا قاض ،
وأسلوب معيشته قريب من أسلوب معيشتنا ،
وهذا الركن الوثيق في صرح السعادة الزوجية ، ومن أجله شرط فقهاء الحنفية الكفاءة بين الزوجين
 
وهم فلاسفة الشرع الإسلامي

والثالث:
أني انتقيتها متعلمة تعليماً عادياً ، شيئاً تستطيع به أن تقرأ وتكتب ، وتمتاز من العاميات الجاهلات ، وقد استطاعت الآن بعد ثلاثة عشر عاماً في صحبتي أن تكون على درجة من الفهم والإدراك ، وتذوق ما تقرأ من الكتب والمجلات ، لا تبلغها المتعلمات
وأنا أعرفهن وكنت إلى ما قبل سنتين ألقي دروساً في مدارس البنات ، على طالبات هن على أبواب البكالوريا ، فلا أجدهن أفهم منها ، وإن كن أحفظ لمسائل العلوم
، يحفظن منها ما لم تسمع هي باسمه ، ولست أنفر الرجال من التزوج بالمتعلمات ، ولكني أقرر - مع الأسف - أن هذا التعليم
الفاسد بمناهجه وأوضاعه ، يسيء على الغالب إلى أخلاق الفتاة وطباعها ، ويأخذ منها الكثير من مزاياها وفضائلها ، ولايعطيها إلا قشوراً من العلم لا تنفعها في حياتها ولا تفيدها زوجاً ولا أماً ،
والمرأة مهما بلغت لا تأمل من دهرها أكثر
من أن تكون زوجة سعيدة، وأماً .
والرابع:
أني لم أبتغ الجمال وأجعله هو الشرط اللازم الكافي كما يقول علماء الرياضيات ، لعلمي أن الجمال ظل زائل
لا يذهب جمال الجميلة ، ولكن يذهب شعورك به ، وانتباهك إليه ،
لذلك نرى من الأزواج من يترك امرأته الحسناء ، ويلحق من لسن على حظ من الجمال ،
ومن هنا
صحت في شريعة إبليس قاعدة الفرزدق
وهو من كبار أئمة الفسوق ،
حين قال لزوجته النوار
في القصة المشهورة :ما أطيبك حراماً وأبغضك حلالاً .
والخامس:
إن صلتي بأهل المرأة لم يجاوز إلى الآن ،
بعد مرور قرن من الزمان ، الصلة الرسمية ،
الود والاحترام المتبادل ، وزيارة الغب ،
ولم أجد من أهلها ما يجد الأزواج من الأحماء من التدخل في شؤونهم ، وفرض الرأي عليهم ،
ولقد كنا نرضى ونسخط كما يرضى كل زوجين ويسخطان ، فما تدخل أحد منهم يوماً في رضانا ولا سخطنا
ولقد نظرت اليوم
في أكثر من عشرين ألف قضية خلاف زوجي ، وصارت لي خبرة أستطيع أن أؤكد القول معها
بأنه لو ترك الزوجان المختلفان ،
ولم يدخل بينهما أحد من الأهل ولا من أولاد الحلال ، لانتهت بالمصالحة ثلاثة أرباع قضايا الزواج .
والسادس
أننا لم نجعل بداية أيامنا عسلاً كما يصنع أكثر الأزواج ،
ثم يكون باقي العمر حنظلاً مراً ؛وسماً زعافاً ،
بل أريتها من أول يوم أسوأ ما عندي ، حتى إذا قبلت مضطرة به
، وصبرت محتسبة عليه ، عدت أريها من حسن خلقي ،
فصرنا كلما زادت حياتنا الزوجية يوماً زادت سعادتنا قيراطاً .
والسابع
أنها لم تدخل جهازاً وقد اشترطت هذا ،
لأني رأيت أن الجهاز من أوسع أبواب الخلاف بين الأزواج ،
فإما أن يستعمله الرجل ويستأثر به فيذوب قلبها خوفاً عليه ، أو أن يسرقه ويخفيه ، أو أن تأخذه بحجز احتياطي
في دعوى صورية فتثير بذلك الرجل .
والثامن:
أني تركت ما لقيصر لقيصر ،
فلم أدخل في شؤونها من ترتيب الدار وتربية الأولاد ، وتركت هي لي ما هو لي ، من الإشراف والتوجيه ، وكثيراً ما يكون سبب الخلاف لبس المرأة عمامة الزوج وأخذها مكانه ،
أو لبسه هو صدار المرأة ومشاركتها الرأي في
طريقة كنس الدار ،
وأسلوب تقطيع الباذنجان ، ونمط تفصيل الثوب .
والتاسعأني لا أكتمها أمراً ولا تكتمني ، ولا أكذب عليها ولا تكذبني ،
أخبرها بحقيقة وضعي المالي ، وآخذها إلى كل مكان أذهب إليه أو أخبرها به ،
وتخبرني بكل مكان تذهب هي إليه ،
وتعود أولادنا الصدق والصراحة ، واستنكار الكذب والاشمئزاز منه .
ولست
والله أطلب من الإخلاص والعقل والتدبير
أكثر مما أجده عندها : فهي من النساء الشرقيات اللائي يعشن للبيت لا لأنفسهن ، للرجل والأولاد ، تجوع لنأكل نحن ، وتسهر لننام ، وتتعب لنستريح ، وتفنى لنبقى ،
هي أول أهل الدار قياماً ، وآخرهم مناماً ،
لا تنثني تنظف وتخيط وتسعى وتدبر ، همها إراحتي وإسعادي .
إن كنت أكتب ، أو كنت نائماً أسكتت الأولاد ،
وسكنت الدار ، وأبعدت عني كل منغص أو مزعج .تحب من أحب ، وتعادي من أعادي ،
وإن كان حرص النساء على إرضاء الناس
فقد كان حرصها على إرضائي ،
وإن كان مناهن حلية أو كسوة فإن أكبر مناها أن تكون لنا دار نملكها نستغني بها عن بيوت الكراء .
تحب أهلي ، ولا تفتأ تنقل إلي كل خير عنهم ،
إن قصرت في بر أحد منهم دفعتني ،
وإن نسيت ذكرتني ، حتى إني لأشتهي يوماً أن يكون بينها وبين أختي خلاف
كالذي يكون في بيوت الناس ، أتسلى به ، فلا أجد إلا الود والحب ، والإخلاص من الثنتين ،
والوفاء من الجانبين !!.
إنها النموذج الكامل للمرأة الشرقية ، التي لا تعرف في دنياها إلا زوجها وبيتها ، والتي يزهد بعض الشباب فيها ، فيذهبون إلى أوربا أو أميركا ليجيئوا بالعلم فلا يجيئون إلا بورقة في اليد ،
وامرأة تحت الإبط ،
امرأة يحملونها يقطعون بها نصف
محيط الأرض أو ثلثه أو ربعه ،
ثم لا يكون لها من الجمال ،
ولا من الشرف ولا من الإخلاص
ما يجعلها تصلح خادمة للمرأة الشرقية ، ولكنه فساد الأذواق وفقد العقول ،
واستشعار الصغار وتقليد الضعيف للقوي .
يحسب أحدهم أنه إن تزوج امرأة من أمريكا
أو أي امرأة عاملة في شباك السينما ،أو في مكتب الفندق ،
فقد صاهر طرمان ، وملك ناطحات السحاب ، وصارت له القنبلة الذرية ،
ونقش اسمه على تمثال الحرية !!.
إن نساءنا خير نساء الأرض ،
وأوفاهن لزوج ، وأحناهن على ولد ، وأشرفهن نفساً ، وأطهرهن ذيلاً ،
وأكثرهن طالعة امتثالاً وقبولاً ، لكل نصحٍ نافع وتوجيه سديد .وإني
ما ذكرت بعض الحق في مزايا زوجتي إلا لأضرب المثل من نفسي على السعادة التي يلقاها
زوج المرأة العربية
لعل الله يلهم أحداً من العزاب القراء العزم على الزواج فيكون الله قد هدى بي ، بعد أن هداني

فأل يوسف

إلى كل الرائعين الذين تتأخر أمانيهم
 
عندما كان سيدنا يُوسف في السجن 
 
كان يوسف الأحسن بشهادتهم
 
"إنا نَراك مِن المُحسنين "
 
لكن الله أخرجَهم قبله !
 
وظلّ هو -رغم كل مميزاته- بعدهم في السجن بضعَ سنين !
 
الأول خرج ليُصبح خادماً ،
 
والثاني خرج ليقتل ،
 
ويوسف انتظر كثيراً !
 
لكنه .. خرج ليصبح "عزيز مصر" ،ليلاقي والديه ،
 
إلى كل أحلامنا المتأخرة :
 
تزيّني أكثر
 
فـإنّ لكِ فألَ يوسُف...

العلم و المال


العلم خير من المال ..

لأن المال يحرسه و العلم يحرسك ..

والمال تفنيه النفقة و العلم يزكو على

 الإنفاق ..

والعلم حاكم و المال محكوم عليه ..

مات خازنو المال وهم أحياء ..

و العلماء باقون مابقي الدهر ..

أعبائهم مفقودة و آثارهم في القلب موجودة !!

الإمام علي بن أبي طالب 


ميجا خيبة ونانو شطارة! ... عمرو حسني

لم ينل الدكتور زويل جائزة نوبل لأنه اكتشف الفمتوثانية، بل لأنه استخدم شعاع الليزر للحصول على صور تمكننا من متابعة التفاعلات الكيميائية بين الذرات حال حدوثها، وهى تفاعلات متناهية السرعة كان يستحيل تصويرها باستخدام تقنيات الكاميرات التقليدية مهما بلغت سرعتها، لأن زمن فتح وغلق العدسات بالطريقة الميكانيكية التى تعمل بها أرقى أنواع الكاميرات وأكثرها تطورا لا يمكن أن يقل عن خُمس ثانية، بينما يمكن لشعاع الليزر أن يقوم بذلك الدور بسرعته الفائقة ويذهب لالتقاط الصورة ويعود بها فى زمن قصير بشكل لا يصدق. بعد اختراع زويل لتلك الكاميرا الليزرية صار لزاما على العلماء اعتماد وحدة زمنية جديدة متناهية الصغر لقياس الوقت البالغ القصر الذى تستغرقه رحلة شعاع الليزر، وهذه هى قصة ولادة الفمتوثانية. إنها وحدة قياس لا قيمة لها فى حد ذاتها، لكنها صارت، ويا للعجب، كل ما وصل إلى إدراكنا من اكتشاف زويل! قرأنا مئات المقالات وشاهدنا عشرات البرامج التى تخبرنا أن زويل مكتشف الفمتوثانية! بل تجاسر البعض وقال إنه اخترعها! ألسنا بالفعل فى عصر الطراوة؟ اكتب من فضلك اسم زويل على محرك البحث «جوجل»، لكى تصدمك عبارات على شاكلة: زويل أول عربى يكتشف الفمتوثانية! حصول زويل على نوبل لاختراعه للفمتوثانية! لطالما احترق دمى وأنا أشرح للآخرين أنه ليست هناك أى قيمة على الإطلاق فى ابتداعك لأى وحدة قياس مهما صغرت أو كبرت، بإمكانى الآن أن أبتدع وحدة قياس زمنية أسميها «عمروثانية» بحيث تكون الفمتوثانية الواحدة أكبر منها بمليون مرة! ما المشكلة؟ المشكلة يا صديقى تكمن فى استخدام تلك الوحدة. لا قيمة لابتداعك لوحدة متناهية الصغر لقياس الأوزان تطلق عليها النانوجرام إذا لم تخترع ميزانا يستخدمها فى القياس بالفعل. الموازين الحالية على حد علمى لا تتعامل إلا بالمليجرام، وعليه فليست هناك قيمة لابتداع وحدة جديدة للوزن لن يستخدمها أحد. ألم أقل لك إننا فى الطراوة؟ حطم العقل المصرى أغلال التخلف منذ عصر نهضة محمد على وصولا إلى نهاية ستينيات القرن العشرين، لتبدأ بعدها نكسته بانهيار الحلم القومى، واستمرت الردة الحضارية حتى وصلت إلى ذروتها بقيادة المخلوع ونماذج عصره، التى كان يتم اختيارها بدقة تؤكد رداءة الواقع، باستثناء ندرة عميت عنها أبصار رجاله. لا عجب ولا غرابة إذن فى أن ثقافة الفقر فى عصره، التعس، شملت الطعام، والصحة، والتعليم، والذوق، والفن ليطغى اختلالها الواضح على كل المقاييس، حتى مقاييس الجمال ذاتها عادت بنا إلى عصور الجوارى الفارعات اللواتى يكتنزن الشحم واللحم، ويشف بياضهن عن حمرة دماء تشى بصحة الخراتيت! قارن بين غادة عبد الرازق وسعاد حسنى ليتضح لك الفرق فى الذوق بين عشاق هذه وتلك. تأمل الفرق بين جريدة «الأهرام» فى عصورها الذهبية أيام هيكل وبهاء الدين، وبين ترديها أيام نافع وسرايا، الذى كتب مقالا له العجب قبل توليه رئاسة تحريرها بأسابيع، عن جريمة مقتل المطربة ذكرى. قال فيه لا فض فوه واصفا مسرح الجريمة، بأنه شقة بالغة الاتساع مساحتها ألف متر مربع، ثم استطرد ليستعرض معلوماته ويشرح للجهلاء من أمثالنا قائلا: أى أن مساحتها كيلومتر مربع! أى والله العظيم هذا ما قاله بالنص! كان واضحا أن عبقريته الفذة وقدراته الهندسية المذهلة تفتقت عن حسبة عجيبة وهى: ما دام أن ألف متر تساوى كيلومتر، إذن فألف متر مربع تساوى كيلومتر مربع! وهو قول نصفه الأول صحيح، لأنك استخدمت المتر كوحدة لقياس الطول، بينما نصفه الثانى خاطئ بشكل مخيف، لأن الألف متر المربع فى الحقيقة هو مربع طول ضلعه يقل عن ثلاثة وثلاثين مترا فقط، بينما الكيلومتر المربع هو مساحة شاسعة عبارة عن مربع طول ضلعه ألف متر أى كيلومتر كاملا! قل لى بربك، أهناك تلميذ وصل للمرحلة الثانوية وتلقى قدرا معقولا من التعليم يقع فى غلطة تافهة كتلك؟ أهناك إنسان يمكن أن يصدق بسهولة هكذا أن هناك عائلة تسكن فى شقة بحى الزمالك مساحتها تعادل مربع طول ضلعه كيلومتر؟! على من لا يصدقنى الرجوع إلى أرشيف جريدة «الأهرام» الرقمية على شبكة المعلومات. هذا هو حال كبير كتبة ذلك النظام، فما بالك بأنصافهم وأرباعهم؟ تريد المزيد؟ حسنا، أقسم بالله أننى قابلت زميلا منذ عشرة أعوام فى نقابة المهندسين، كان سعيدا لأنه حصل للتو على لقب استشارى فى مجال تخصصه، سألته عن الدرجة العلمية التى أهلته لذلك، قال بثقة: حصلت على دكتوراه عن الإعجاز الليزرى فى القرآن الكريم! قلت له: كيف؟ رد بغرور صادم: ألم يخبرنا الله عز وجل عن انتقال عرش بلقيس من اليمن إلى الشام فى طرفة عين؟ ألم تسمع عن انطلاق البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بسرعة الضوء؟ سألته عما أضافته رسالته لتطبيقات علوم الليزر؟ فامتعض وتركنى قائلا: ألا تعلم أن دراسة القرآن تغنى عن دراسة العلوم الطبيعية؟ يومها لم أقدم أوراقى لتلك اللجنة.. ملأنى يقين بأن الجهابذة الذين وافقوا على منحه لقب الاستشارى لا يستحقون شرف تقييم مؤهلات المهندسين وخبراتهم، فما بالك بمن منحوه درجة الدكتوراه فى الهندسة؟! نحن فى الطراوة أيها السادة، بل إننا نقع على تدريج تقاس وحداته بالميجا طراوة! صدقونى لن ينتشلنا من هذا القاع البالغ الانحطاط سوى الاهتمام بالتعليم، لأن مستوى خريجينا انخفض لدرجة لا تقاس إلا بوحدات النانو شطارة المتناهية الضآلة!
المقال علي موقع الجريدة ... من هنــــاش